کد مطلب:90510 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:401
أَمَا، وَ اللَّهِ، لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبی قُحَافَةَ[1]، وَ إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنَّ مَحَلّی مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحی، یَنْحَدِرُ عَنِّی السَّیْلُ، وَ لا یَرْقی إِلَیَّ الطَّیْرُ. فَسَدَلْتُ[2] دُونَهَا ثَوْباً، وَ طَوَیْتُ عَنْهَا كَشْحاً. وَ طَفِقْتُ بُرْهَةً[3] أَرْتَئی بَیْنَ أَنْ أَصُولَ بِیَدٍ جَذَّاءَ، أَوْ أَصْبِرَ عَلی طَخْیَةٍ عَمْیَاءَ، یَهْرَمُ فیهَا الْكَبیرُ، وَ یَشیبُ فیهَا الصَّغیرُ، وَ یَكْدَحُ[4] فیهَا مُؤْمِنٌ حَتَّی یَلْقَی اللَّهَ[5] رَبَّهُ؟. فَرَأَیْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلی هاتَا أَحْجی، فَصَبَرْتُ وَ فِی الْعَیْنِ قَذیً، وَ فِی الْحَلْقِ شَجاً، لَمَّا[6] أَری [صفحه 307] تُرَاثی[7] نَهْباً. حَتَّی مَضَی الأَوَّلُ لِسَبیلِهِ فَأَدْلی بِهَا إِلی فُلانٍ[8] بَعْدَهُ. ثم تمثّل علیه السلام بقول الأعشی: شَتَّانَ مَا یَوْمی عَلی كُورِهَا فَیَا عَجَباً، بَیْنَا هُوَ یَسْتَقیلُهَا فی حَیَاتِهِ، إِذْ عَقَدَهَا[9] لآخَرَ[10] بَعْدَ وَفَاتِهِ. لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَیْهَا. فَصَیَّرَهَا، وَ اللَّهِ[11]، فی حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ، یَغْلُظُ كَلْمُهَا[12]، وَ یَخْشُنُ مَسُّهَا، وَ یَكْثُرُ الْعِثَارُ فیهَا، وَ یَقِلُّ[13] الاِعْتِذَارُ مِنْهَا. فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ، إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ[14]، وَ إِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ[15]. فَمُنِیَ النَّاسُ فیهَا، لَعَمْرُ اللَّهِ، بِخَبْطٍ وَ شِمَاسٍ، وَ تَلَوُّنٍ[16] وَ اعْتِرَاضٍ[17]. فَصَبَرْتُ عَلی طُولِ الْمُدَّةِ، وَ شِدَّةِ الْمِحْنَةِ. حَتَّی إِذَا مَضی لِسَبیلِهِ جَعَلَهَا شُوری[18] فی جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنّی أَحَدُهُمْ. فَیَا للَّهِ لَهُمْ[19] وَ لِلشُّوری، مَتَی اعْتَرَضَ الرَّیْبُ فِیَّ مَعَ الأَوَّلِ[20] مِنْهُمْ حَتَّی صِرْتُ الآنَ[21] [صفحه 308] أُقْرَنُ إِلی هذِهِ النَّظَائِرِ. لكِنّی أَسْفَفْتُ مَعَ الْقَوْمِ[22] إِذْ أَسَفُّوا، وَ طِرْتُ مَعَهُمْ[23] إِذْ طَارُوا. فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ[24]، وَ مَالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ، مَعَ هَنٍ وَ هَنٍ[25]. إِلی أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَیْهِ[26]، بَیْنَ نَثْیلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ، وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبیهِ[27] یَخْضَمُونَ[28] مَالَ اللَّهِ تَعَالی خَضْمَ[29] الإِبِلِ نَبْتَةَ الرَّبیعِ. إِلی أَنِ انْتَكَثَ عَلَیْهِ فَتْلُهُ، وَ أَجْهَزَ عَلَیْهِ عَمَلُهُ، وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ[30]. فَمَا رَاعَنی إِلاَّ وَ النَّاسُ إِرْسَالاً[31] إِلَیَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ[32]، یَنْثَالُونَ عَلَیَّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ [ وَ ] جَانِبٍ یَسْأَلُونِیَ الْبَیْعَةَ[33]. حَتَّی لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانُ، وَ شُقَّ عِطْفَایَ[34]. مُجْتَمِعینَ حَوْلی كَرَبیضَةِ الْغَنَمِ. فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ، وَ مَرَقَتْ أُخْری، وَ فَسَقَتْ شِرْذِمَةٌ[35]، وَ قَسَطَ آخَرُونَ. [صفحه 309] كَأَنَّهُمْ لَمْ یَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی یَقُولُ[36]: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذینَ لا یُریدُونَ عُلُوّاً فِی الأَرْضِ وَ لا فَسَاداً وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقینَ[37]. بَلی، وَ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعُوهَا، وَ وَعَوْهَا، وَ لكِنَّهُمْ حَلِیَتِ[38] الدُّنْیَا فی أَعْیُنِهِمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا، وَ أَعْجَبَهُمْ رَوْنَقُهَا[39]. أَمَا وَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوْ لا حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَ قِیَامُ[40] الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ تَعَالی عَلَی الْعُلَمَاءِ[41] أَنْ لا یُقَارُّوا عَلی كِظَّةِ ظَالِمٍ، وَ لا سَغَبِ مَظْلُومٍ، لأَلْقَیْتُ حَبْلَهَا عَلی غَارِبِهَا، وَ لَسَقَیْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا، وَ لأَلْفَیْتُمْ دُنْیَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ[42] عِنْدی مِنْ عَفْطَةِ[43] عَنْزِ. فلمّا وصل علیه السلام إلی هذا الموضع من مقاله قام إلیه رجل من أهل السواد فناوله كتابا، فقطع علیه السلام كلامه و أقبل ینظر فیه. فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس رحمه اللّه: یا أمیر المؤمنین، لو اطّردت مقالتك من حیث أفضیت. فقال علیه السلام: هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ[44]، یَا ابْنَ عبّاسٍ، تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ. قال ابن عباس: فو اللّه ما أسفت علی كلام قطّ كأسفی علی ذلك الكلام، أن لا یكون أمیر المؤمنین علیه السلام بلغ منه حیث أراد. [صفحه 310]
فتنفّس علیه السّلام الصعداء ثم قال:
وَ یَوْمُ حَیَّانَ أَخی جَابِرِ
صفحه 307، 308، 309، 310.